ضيف يزن – إسطنبول
عندما أقرأ عمل روائي هو الأول لكاتبه أكون حذراً جداً، حذراً أكثر وأنا أعد أسئلتي وانطباعاتي عن العمل الروائي كونه الأول، شيزوفرينيا جسد هي بحق شيزوفرينيا الواقع المر الذي يعيشه الفرد العربي بالخصوص والإنسان بالمطلق، رواية “شيزوفرينيا جسد” للروائية وسام المدني وهي من القطع المتوسط وتقع في 256 صفحة ومن إصدار المؤسسة العربية للدراسات والنشر الطبعة الأولى 2020، رواية تأخذك لمكنونات النفس البشرية تغوص في دواخلنا لتقدم نص أشبه بالتراجيديا الشعرية.. عمل أراهن على أنه لن يكون الأخير للروائية الفلسطينية الشابة وسام المدني، الذي أجريت معها هذا الحوار الإفتراضي عبر الفيض الرقمي، فكانت الأسئلة كالتالي..
– مرحباً، حدثينا عن الرواية كسرد؟ وما تقدمه للإنسان؟
شيزوفرينيا جسد، هي مرآة تعكس سوءة مجتمعنا المختبئة خلف عادات بائسة نتناقلها جيلاً بعد جيل. مُثل ظنناها عليا لكنها في الحقيقة سوط نجلد أنفسنا به يوما بعد يوم. لذلك يحتاج مجتمعنا إلى أدب يجلده ويعريه و من هنا كانت هذه الرواية صوت من لا صوت لهم. تصرخ بواقع حال طالما تجاهلناه وأنكرنا وجوده (الآخر المختلف).
باختصار يمكن القول أن الرواية تركز على ضرورة فهم الآخر المختلف و اعادة النظر في طريقة التعامل مع أنفسنا والآخرين كما أنها تسعى لفهم النفس البشرية وصراعاتها الداخلية والخارجية .
– ماذا يمكن أن تقدمه وسام المدني للمغترب العربي على وجه الخصوص؟ والمتلقي العربي بالعموم؟
في أحد فصول الرواية تطرقت لفكرة السفر إلى أوروبا والطريف أنني كتبت هذا الفصل قبل سفري لأوروبا بفترة ليست قصيرة. طرح هذا الفصل قضية الانتقال من مجتمع مغلق تماما إلى آخر مفتوح على مصراعيه بحيث يشكل فخاً للقادمين الجدد قد يبلعهم فيه مما يتسبب في ضياع أهدافهم وفشلهم في الوصول إلى الحياة الكريمة.
– قسمت روايتك على 8 كذبات، وبدأ وبعض وحقيقة كاملة في ثلاثة أقسام، هل نعيش الكذب أكثر من الصدق؟
إجابة هذا السؤال تحمل كثيرا من الألم. لقد أصبحنا نعيش اليوم حياتنا تلك التي نجاهر بها ارضاء لمجتمعنا واخرى التي نكون فيها على حقيقتنا. ليس بالضرورة ان تكون الاولى صحيحة والاخرى خاطئة او العكس لكن المشكلة تكمن في ازدواجية هذه الحياة. ان روايتي مبينة على قصص حقيقة جمعتها طيلة ما يقارب ثلاثة أعوام لذا اغلب هذه الشخصيات واقعية. كذلك الرجل الذي يتبنى الخطاب الديني في الصباح وفي المساء يتحول هو نفسه إلى النقيض. والشاعرة التي التقت بها نور البطلة في أوروبا والتي كانت تعيش امام المجتمع الحياة المتوقعة والمقبولة بينما تعيش حياتها الحقيقية في الخفاء.
– تبدئين أقسام روايتك بأشهر عبارات كتاب عالميين بورخيس وموراكامي وسوفوكليس، وهذا يدل على قراءة عميقة ومطولة لأدباء كبار، ما هو السبب والغاية من ذلك؟
هي محاولة تحفيز القارئ على القراءة واستفزازه للبحث عن أصل هذه الجمل وتغذية مكتبتة الثقافية .
هؤلاء الكتاب هم من أهم الكتاب الذين أثروا بي ووسعوا أفقي بحيث تغيرت افكاري 180 درجة ومازلت أتطور منذ قرأتهم المرة الاولى. انا صناعة هؤلاء. بالإضافة الى استخدام عبارات من بعض اصدقائي الكتاب من نفس الجيل والتي أحببتها و تناسبت مع محتوى الفصل.
– تتحدثين عن الروح ومتلازمة الجسد ومفهموم كتلة الطاقة في الهواء، هل لمتلازمة الروح والجسد قانون فيزيائي غير السماوي المعروف لدى الكل؟
طالما شكلت الروح سراً عجز العلماء والأطباء عن تفسيره، وجائت الأديان بمحاولات لشرح ماهيته. وحاولت انا الاقتباس من هذا وذاك لذا سأترك لقارئي فرصة الإجابة على هذا السؤال بالشكل الذي وصله.
– أرى أن لغة الرواية بمجملها شاعري، هل تكتبين الشعر؟ أم هي الصدفة التي حولت حديثنا لجمل شعرية؟
لقد كانت بدايتي مع الشعر ومازلت أكتبه كما وترجمت بعض قصائدي للغة الانجليزي كنص “رسالة إلى صديقتي الحرب” والذي نشر في كتاب يسمى ” الأصوات الممنوعة في وقت الأزمات”. الشعر يمنح الفرصة لإعادة صياغة التفاصيل القبيحة بشكل جميل. ويفسح المجال للرمزية التي يمكن من خلالها الحديث عن التابوهات والمواضيع الممنوعة بشكل مستساغ يقبله القارئ.
– ماذا في جعبة وسام من جديد؟ هل نرى رواية جديدة في الأفق القريب؟
طالما شغلتني المواضيع والقضايا المحيطة بنا. وكان موضوع الرواية هو أحد هذه المواضيع بالإضافة الى مواضيع اخرى أعمل عليها من بينها مجموعة قصص قصيرة تحت النشر بعنوان” هكذا تركتني الحرب على قيد الحياة” هي مجموعة قصص تتطرق للحرب من جانب مختلف عما طرح من قبل بمعالجة مختلفة . في ذلك الكتاب لا نلتقي بالحرب بل بأثر الحرب على الاشخاص المختلفين من حيث الأدوار في الحياة كما نلتقي باشياء مادية تحكي لنا رؤيتها الخاصة عن الحرب مثل ” الصاروخ”. وذلك كي يدرك القارئ أن للحرب وجوه وتاثيرات متباينة تختلف تماما عما تنقله نشرات الأخبار.
الحوار منشور في صحيفة الصباح العراقية بتاريخ 16/09/2021